مراجعة رواية سر الزعفرانة
محرري منصة أدب ماب


قصة الرواية:
تدور أحداث سر الزعفرانة في بيئة صحراوية قاسية تعج بالأساطير والصراعات، حيث تحكي الرواية قصة نفلة، الفتاة التي نجت من الغزو والقتل ووجدت نفسها مع شقيقها عامر في قرية جديدة، تحمل في ذاكرتها ماضٍ مشوش وغموض يلاحقها. تنشأ نفلة في ظل زعفرانة، المرأة السمراء الغامضة التي تمتلك أسرار الأعشاب والشفاء، وتتداخل في الرواية أجواء التصوف، والأساطير، والسحر الشعبي، لتكشف عن مصائر الشخصيات التي تحكمها الصحراء وقوانين القبيلة.
مراجعة الرواية:
بدرية البشر قدّمت عملًا أدبيًا متكاملًا، يمزج بين الحكاية الشعبية والتأمل الفلسفي، من خلال بطلتين محوريتين هما نفلة وزعفرانة. الروائية أبدعت في السرد المتماوج بين الحاضر والذاكرة، وبين الواقع والحلم، وبين صلابة الصحراء وهشاشة الإنسان. ما يُميز الرواية أيضًا هو البنية الدائرية للفصول، حيث تبدأ كل فصل بالإشارة إلى نجم أو موسم صحراوي (الصفري، الجراد، أيام العجوز ...) وتأثيره على الأرض والناس، في خلق نغمة كونية متسقة مع الروح الأسطورية للنص. الرواية مفعمة بالحس الإنساني، خاصة في تتبع معاناة زعفرانة منذ اختطافها كطفلة إلى أن أصبحت مرجعية في التداوي والرحمة. كما نشهد تطور نفلة من "بدوية" إلى امرأة تُكمل مسيرة زعفرانة في التداوي والعطاء، وتتزوج لاحقًا من هاشم الذي أحبها رغم نظرة القرية لها.
الرواية تسير بوتيرة هادئة ولكنها عميقة، تحمل الكثير من الأسئلة عن العدالة، العبودية، الانتماء، الذاكرة، والتحرر – وصولًا إلى المرسوم الملكي لتحرير العبيد في عهد الملك فيصل، والذي ينهي الرواية بشعور من التنوير والعدالة.
مكان وزمن الرواية:
تبدأ الأحداث في قرية "سبعّية"، قرية زراعية تنمو على حافة الصحراء، وتنتقل الشخصيات منها إلى الرياض عندما تمرض نفلة، وتبدأ مرحلة جديدة من الحياة المدنية ونقلات الهوية.
زمنيًا، تقع الرواية في مرحلة ما قبل وبعد إعلان تحرير العبيد في السعودية، أي بين أواخر الخمسينيات وبداية السبعينيات تقريبًا. ويُستخدم هذا الإطار الزمني لربط المعاناة الشخصية بالتحولات التاريخية الكبرى في المجتمع السعودي.
تقييم أسلوب الكتابة:
- لغة ساحرة غنية بالمجازات والأساليب المكانية، تنقل القارئ إلى عالم يشبه الحلم.
- سرد متعدد الطبقات تمزج بين صوت الطفلة والراوية الحكيمة، وبين الواقع والذاكرة والروح.
- الرمزية العميقة مثل النجوم، المواسم، الأعشاب، وحتى الأسماء تحمل دلالات فلكية واجتماعية وروحية.
- توظيف البيئة عبر الصحراء والقرية والعاصمة لتكون ليست مجرد خلفية بل كيان فاعل، وهي عناصر روحية وزمنية وسياقية.
- بعض المقاطع كانت تحتاج إلى ضبط إيقاع السرد، حيث تشعر أحيانًا أن المشاهد تتكرر أو أن الرواية تبطئ من حركتها الدرامية.
الخلاصة:
سر الزعفرانة ليست مجرد رواية، بل هي رحلة روحانية في أعماق الصحراء والإنسان. تحمل الرواية رسائل عن المصير، الصراع، والتكيف، وتُقدَّم في قالب سردي غامر يأسر القارئ منذ البداية وحتى النهاية، رواية سر الزعفرانة عمل فني وإنساني رائع، يسرد رحلة التشافي والتحول من خلال رمزية القرية والعبودية. إنها حكاية الحرية الداخلية، وجمال الأنوثة المقاومة.
📝
🧑💻
⏳
⭐️
🎬
آخر المراجعات




في كل مرة أموت يجبرني ملاك الموت على العودة، وكأنه يقول إن الأمر ليس بيدي، يدفعني إلى الخلف، فيمسك بي آخران من نور، وأنا أسقط في هوة الموت، يحملانني عاليا، يضعانني على فوهة الحياة من جديد ومثل شقية تتمرد أسقط ذاكرتي، كما تسقط طفلة ربطة شعرها في البئر، لكنها لا تذهب بعيدًا، بل تعلق في رأس حجر في مكان قريب






أدب ماب
جميع الحقوق مسجلة لدى هيئة الملكية الفكرية © 2025
Adapmap
خريطة الموقع