مراجعة رواية جندي الحرس
محرري منصة أدب ماب


قصة الرواية:
تحكي رواية "جندي الحرس" قصة مرزوق، الفتى القادم من الحماد شمال المملكة، في رحلة شاقة من حياة البادية البسيطة إلى حياة الجندية والانضباط في العاصمة. يترك خلفه والدته وأهله، وينخرط في واقع جديد مليء بالمفارقات. في الحرس الوطني، يبدأ مرزوق مع رفاقه يوميات مليئة بالضجيج والسخرية. ثم تتشابك خطاه بين لحظات الشوق، والفقد، والطفرة، ومفارقات المجتمع الجديد.
مراجعة الرواية:
رواية عميقة رغم لغتها البسيطة، ممتعة رغم حزنها، وساخرة رغم ثقل موضوعها. تمكّن الكاتب من تقديم شخصية "مرزوق" ببساطتها وصدقها، لا كبطل روائي نمطي، بل كصوت نادر لجندي سعودي من الطبقة الفقيرة، يحكي قصته بصراحته، وحنينه، وسخريته. السرد لا يعتمد على حبكة تقليدية بل على تسلسل شبه دائري للذاكرة، يبدأ من الحماد، ويعود إليه، ثم يذهب مجددًا إلى العاصمة — تمامًا كما تتأرجح الروح بين الماضي والحاضر. من أجمل لحظات الرواية تلك التي تتحدث عن الأم، وعن فقدها، وعن وجع التأخر يومًا واحدًا فقط لرؤيتها قبل موتها. من أقسى المشاهد أيضًا التوتر بين المسؤوليات العسكرية والشوق الإنساني. كما أن رحلة بغداد، بعد رفع الرواتب، تضيف لمسة مختلفة للرواية، وكأنها استراحة قصيرة للضحك قبل عودة الوجع والتأمل.
مكان وزمن الرواية:
المكان: تبدأ من الحماد (طريف) ، مرورًا بمدن الشمال عرعر، رفحاء، الحفر ثم معسكر خشم العان في الرياض، وتنتهي بمغامرة في بغداد.
الزمان: في الستينات الميلادية، فترة ما قبل الطفرة، أثناء عهد الملك فيصل، حين كانت السعودية تتغيّر بهدوء وببطء.
تقييم أسلوب الكتابة:
رواية "جندي الحرس" تملك صوتًا أدبيًا صادقًا وعفويًا، وهذا أحد مصادر قوتها. لكن من الناحية الفنية، يمكن رصد عدة ملاحظات تحدّ من اكتمالها كعمل روائي متماسك:
- اللغة والأسلوب: الرواية تميزت بلغة حية تمزج بين الفصحى والعامية، مما منحها طابعًا تلقائيًا وشعبيًا يناسب بيئة الجندي وذاكرة المكان. لكن في بعض المقاطع، ينحرف السرد نحو أسلوب مخاطبة مباشر يشبه كتابة التغريدات أو الملاحظات القصيرة، وهو ما يضعف البناء الفني ويُخرج القارئ من العالم الروائي. فبدلًا من الغوص في المشهد، يجد القارئ نفسه أمام تعليق موجز أو حكمة عابرة، لا تخدم السرد ولا تطوره.
- السرد والبناء: اعتمد الكاتب على السرد الذاتي المفتوح بأسلوب اليوميات، دون تصعيد درامي واضح. وهذا يخدم البساطة والصدق، لكنه قد يفتقر أحيانًا للإثارة أو للتوتر الدرامي الذي يشدّ القارئ.
- المرأة في الرواية: شخصيات النساء شبه غائبة أو تُطرح بصور نمطية غير متعمقة، مثل مشهد "الجزمة" الذي يستخدم المرأة كرمز للتهديد لا كشخصية لها وجود إنساني مستقل.
ورغم هذه الملاحظات، تبقى الرواية تجربة صادقة ونادرة في تمثيل صوت الجندي البسيط في الرواية السعودية، بعيدًا عن التعقيد أو الزخرفة.
الخلاصة:
رواية "جندي الحرس" عمل ساخر ممتع، يمزج بين الضحك والدمعة، ويثير مشاعر الحنين والاغتراب في آنٍ معًا. ليست رواية حبكة وتشويق، بل رواية حياة تُروى كما هي: مشيًا على رمال الذاكرة.
📝
🧑💻
⏳
⭐️
🎬
آخر المراجعات




شعرت بأن روحي كانت مسلوبة مني ورُدّت إليّ، طائر حبسته ثم أطلقته، ارتميت بحضن أمي أقبلها وألثم يديها ودموعها تبلل وجهي وهي تنشج: يا عظام أمي وأبوي انت يا مرزوق. لاحقا كانت تلك كلماتي المفضلة لبنياتي وأولادي






أدب ماب
جميع الحقوق مسجلة لدى هيئة الملكية الفكرية © 2025
Adapmap
خريطة الموقع