a desert scene with a white and orange background

مراجعة رواية دموع الرمل

قصة الرواية:

رواية دموع الرمل تسلط الضوء على الذاكرة الصحراوية القاسية، عبر سردية مشبعة بالتاريخ والألم والحنين. تبدأ القصة بحكايات الجدة نوير التي تشكل ذاكرة الراوي، ممتزجة بالدموع التي تنحدر وكأنها رمل يذرف من العيون. تتعمق الرواية في تفاصيل حياة البدو والصحراء، حيث تتقاطع حياة نوير مع فقدان الأحبة والعيش في بيئة موحشة، بينما يعكس أبو نوير صورة الرجل البدوي الصلب الذي يواجه تحديات الزمن والمعارك والخذلان. تتصاعد الأحداث مع دخوله في جيش ابن رشيد، لتصل إلى ذروة مأساوية عند موته واقفًا على رمحه، في مشهد ختامي قوي.

مراجعة الرواية:

الرواية تميزت بأسلوب سردي شاعري يجمع بين الفلسفة والواقعية التاريخية، حيث تتداخل ذكريات الأجداد مع معارك التاريخ والحياة اليومية للبدو. العمق النفسي للشخصيات كان حاضرًا بقوة، خاصة في شخصية نوير وأبيها، حيث يعكسان التحدي والصراع الداخلي بين الماضي والحاضر، وبين البقاء والرحيل. الرواية تمتلك سحرًا خاصًا يكمن في لغتها العذبة وحواراتها العميقة، مما يجعلها تجربة قرائية تستحق التقدير.

كما أن الرواية تطرح تساؤلات وجودية عميقة حول القدر والمصير، ودور الإنسان في تشكيل حياته رغم الظروف القاسية التي تفرضها الطبيعة والمجتمع. الحوار الداخلي لأبو نوير، خاصة أثناء معاركه النفسية بين الولاء والاختيار، يضيف بُعدًا فلسفيًا قويًا يجعل القارئ يتأمل في صراع الإرادة الحرة مقابل حتمية الواقع. هذا المزيج بين التأمل الشخصي والسرد الملحمي يجعل الرواية تجربة أدبية لا تُنسى، خاصة لأولئك الذين يبحثون عن نصوص تُحرك الفكر والعاطفة معًا.

مكان وزمن الرواية:

الرواية تدور في بيئة صحراوية ممتدة ما بين حائل والقصيم وورد ذكر معركة البكيرية فيها التي وقعت عام ١٩٠٧ م. الأحداث تمتد عبر العقود، متأثرة بالصراعات القبلية والتغيرات السياسية في الجزيرة العربية، وخاصة خلال معارك ابن رشيد وابن سعود، مما يمنحها بعدًا تاريخيًا ثريًا.

تقييم أسلوب الكتابة:

شتيوي الغيثي أبدع في تصوير الحياة الصحراوية والإنسان البدوي بطريقة فلسفية تتجاوز مجرد السرد التقليدي. اللغة المستخدمة تمزج بين الرمزية والواقعية، مما يمنح النص بعدًا شاعريًا مؤثرًا. ومع ذلك، ربما كان يمكن التخفيف من بعض الاستطرادات الفلسفية التي قد تبطئ السرد أحيانًا، خاصة في الحوارات الداخلية.

الخلاصة:

حازت الرواية في عام ٢٠٢٥ على جائزة القلم الذهبي لأفضل رواية تاريخية، "دموع الرمل" ليست مجرد قصة عن البدو والصحراء، بل هي سردية عن الوجود والهوية والذاكرة. من يهوى الروايات العميقة ذات الطابع الفلسفي والتاريخي سيجد فيها متعة فكرية وروحية. رواية تستحق أن تُقرأ بتمعن!

📝

🧑‍💻

⭐️

🎬

آخر المراجعات

أول سؤال سألته جدتي حينما كنت صغيراً كان عن دموعها. لماذا كانت تبكي ؟ ولماذا كان في بكائها رمل ينحدر من عينيها؟ كنت أقسم لها إنني أرى ذلك في دموعها، وحين تضيق بأقسامي الطفولية تصمت كثيراً، ثم تعود لتبدأ حكاياتها من جديد، وفي نهاية كل حكاية كنت أرى دموعاً قليلة تتساقط دمعةً تلو أخرى تشق طريقها الرملي من طرف عينيها إلى منتصف وجهها