مراجعة رواية ابنة ليليت

قصة الرواية:

رواية ابنة ليليت تحكي رحلة "جواهر"، الفتاة السعودية الطموحة التي تقاوم ضغوط المجتمع والأسرة منذ تخرجها من كلية الطب، وتخوض معركة طويلة بين حلمها في إثبات ذاتها كإنسانة حرة، وبين مجتمع يغلب عليه التحفظ والسلطوية الذكورية، لتجد نفسها لاحقاً في نيويورك، ثم تعود إلى السعودية وقد تغيرت كليًا في الهوية والرؤية وحتى اسمها غيرته إلى "جورجيت" بعد مسيرة شاقة من التحديات والانتصارات والانكسارات. الرواية تلامس قضايا النسوية، الهوية، الغربة، وتحقيق الذات.

مراجعة الرواية:

رواية ابنة ليليت عملٌ متماسك وعميق، صاغه أحمد السماري بأسلوب سردي رصين وذكي، يمزج بين الحكاية الذاتية والسرد الاجتماعي القاسي. تميزت الرواية بتطور الشخصيات ببطء مدروس، ونضج واضح في التصعيد الدرامي، مما جعل القارئ يرافق البطلة من الرياض إلى نيويورك والعكس محملاً معها أحلامها وانكساراتها.

أجاد الكاتب الغوص في المشاعر الداخلية لجواهر (جورجيت)، وعبر عن أزماتها الوجودية بدون مبالغة أو استدرار للمشاعر. تنقلت الرواية بسلاسة بين أجواء السعودية وأمريكا، مستعرضةً الفروقات الحضارية والثقافية، ومؤكدةً في النهاية أن الصراع الحقيقي هو صراع داخلي مع الذات لا مع الأمكنة فقط.

الرواية تتناول قضايا مثل: الميراث، النسب، العنصرية الطبقية، صراع المرأة مع منظومة العائلة الذكورية، وتقدم صورة شديدة الواقعية عن التناقضات التي تعيشها نساء الجيل الأول من المتعلمات الطموحات، وهي في نفس الوقت حكاية وطن وتحوّله من الصحراء إلى الحداثة، ومن الانغلاق إلى الانفتاح، ومن الإنكار إلى الاعتراف المتأخر بالمرأة.

مكان وزمن الرواية:

المكان: تدور الرواية بين مدينتي الرياض والخبر في السعودية، ثم نيويورك وهيوستن ولوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية، مع مشاهد لاحقة في موريتانيا والبحرين.

الزمان: تبدأ الأحداث من عام 1980م وتمتد حتى 2014م، مما يغطي أكثر من ثلاثة عقود من التحولات الاجتماعية والثقافية بين السعودية وأمريكا، إضافة إلى انعكاسات الطفرة الاقتصادية والتغيرات السياسية.

تقييم أسلوب الكتابة:

- أسلوب السرد محكم ومشحون بالعاطفة الصادقة دون أن يغرق في الميلودراما.

- البناء الزمني دقيق، ويتطور بسلاسة عبر المراحل المختلفة من حياة البطلة.

- الحوار داخلي وخارجي مضبوط، يعبر عن اختلاف البيئات والأزمنة.

- بعض الفصول كان يمكن اختصارها قليلًا لتقليل الإطناب خاصة في تفاصيل المشاهد الأميركية.

- التنقل بين جواهر وميلا، رغم أهميته السردية، جاء أحيانًا مفاجئًا، ويحتاج تمهيدًا عاطفيًا أكبر.

الخلاصة:

الرواية تُعد من التجارب السردية القليلة التي تجرؤ على طرح قضايا المرأة من زوايا محرجة ومسكوت عنها، تجمع بين العمق العاطفي والسرد الواقعي، وتغوص في تعقيدات الهوية، والموروث الاجتماعي، والطبقية، والعنصرية، والنسوية بدون شعارات. تجربة أدبية تستحق التقدير، بل والتدريس، لأنها تتجاوز كونها حكاية فردية إلى أن تكون مرآة لفئة واسعة من النساء العربيات اللاتي وُلدن في عالم يطالبهن بالطاعة والصمت.

جدير بالذكر ان الرواية كانت الأكثر طرحاً في منصة X بحسب تقرير الرواية السعودية في عام ٢٠٢٤ الذي اصدرته منصة أدب ماب.

📝

🧑‍💻

⏳

⭐️

🎬

آخر المراجعات

العلاقة التي جمعت أمّي بأبي لا تتجاوز علاقة السيد بخادمته