من هي هيفاء الجبري
أحمد المطلق
هيفاء الجبري، شاعرة سعودية من مدينة الرياض، تحمل في مسيرتها ثلاث مجموعات شعرية هي: "تداعى له سائر القلب"، "الصدى يخرج من الغرفة"، و"البحر حجتي الأخيرة". نشأت في بيئة ثقافية غنية بالشعر والحس الفني، إذ بدأت ولاؤها للكلمة مبكرًا منذ أولى تجاربها في قصيدة "بلادي بلادي"، حيث كانت القصيدة عندها انعكاسًا يوميًا لتفاصيل الحياة البسيطة ولغة الفقراء والشعراء. عبر هذه البدايات تشكلت هويتها الشعرية التي تميل إلى كتابة القصيدة الحديثة بروح وجدانية شفافة، تتشابك فيها الموسيقى الداخلية للنصوص مع الجرأة في تناول الأسئلة الوجودية، إذ تكتب الجبري نصوصًا تتحاور مع القصيدة ككائن ذاتي تعيش معه صراعات بين العطاء والخذلان، في نصوص متحررة من القوالب التقليدية لكنها مفعمة بوعي لغوي وبصري رفيع.
الهوية الأدبية والفنية
دورها في المشهد الأدبي والثقافي
في المشهد الأدبي والثقافي، تمثل هيفاء الجبري صوتًا أنثويًا يتخذ من الشعر منصة للحوار مع الذات والآخر، فهي معنية بإحياء العلاقة العاطفية والروحية مع المكان، ولا سيما نجد والصحراء وأغاني الأذان والكمان، مما يجعل قصائدها تجسيدًا لمشهدية شعرية تصنع من التفاصيل اليومية مداخل فلسفية للتأمل في الإنسان والزمان والمكان. حضورها في المناسبات الثقافية، سواء في الأمسيات الخليجية أو المحلية، يؤكد وعيها بدور الكلمة في بناء الوعي الجمعي، حيث تنطلق في قصائدها من تجربة شخصية لكنها تلامس قضايا وهوية الإنسان السعودي والعربي.
هيفاء الجبري لا ترى في الشعر مجرد ديوان منشور، بل تعتبر لغتها الخاصة ذاتها إنجازًا، حيث تلامس الحسيات العميقة وتفتح أفقًا تأمليًا حول العلاقة بين الإنسان والوجود. نصوصها عن الغبار والصحراء والبحر والمرآة ليست وصفية بقدر ما هي مساءلة دائمة للمصير. تتميز أعمالها بقصائد ترفض النمطية وتعيد تشكيل مفاهيم الأمومة والانتماء والموت بلغة مشحونة بالبوح والتمرد، كما في نصها "الأمهات اللواتي متن في جسدي" أو في قصيدتها "زهرة مخلصة" التي جاءت كصرخة اجتماعية مغلفة بترميز شعري كثيف.
حضورها الإعلامي
شخصيات أدبية أخرى
ماذا قال عنها
في لقاءاتها المختلفة، كشفت الجبري عن صراعها الدائم مع جدوى الشعر، وعبّرت عن تساؤلاتها حول ما تمنحه الكلمة وما تسلبه من عمر الشاعر. في المنتدى الثقافي الخليجي، اعتبرت عام الشعر 2023 بمثابة إجابة لسنوات طويلة من الحيرة، بينما في بيت الشعر بالشارقة أكدت أن الشعر مصير لا يمكن التراجع عنه، قائلة: "أنا الشعر جلّ ما كنتُ أهواه، يعظم الحب حينما لا نراه". وفي أمسية مؤسسة أدب، عبّرت عن قناعتها بأن الشعر ليس ترفًا بل وسيلة لإعادة التفكير في الذات والذاكرة الجمعية.
وفي الملتقى الثقافي، قدم الدكتور سعد البازعي قراءة نقدية معمقة بعنوان "قصائد هيفاء الجبري.. أفواه لا تنتهي"، توقّف فيها أمام تجربة هيفاء الجبري الشعرية بوصفها حالة نادرة من الإخلاص للصمت كقيمة شعرية وجمالية. لم يكن الصمت عند الجبري مجرد موضوع للنصوص، بل كان مكونًا بنيويًا في تشكيل الصورة الشعرية، حيث تتحول لحظات الغياب والسكوت إلى فضاءات شعرية تفيض بالمعنى. أشار البازعي إلى أن هيفاء الجبري استطاعت أن تجعل من الصمت صوتًا ثالثًا في القصيدة، صوتًا لا يقول لكنه يُسمع، لا ينطق لكنه يفتح آفاقًا دلالية لا متناهية.
في تحليله لعبارة "والصمت من بردى لا ينتهي فمه"، رأى البازعي أن الجبري قدّمت نموذجًا لما أسماه "العبور إلى الشعرية من باب الاحتمال"، حيث تتجاوز الشاعرة المجاز المتوقع لتخلق صدمة شعرية من خلال اختيارات لغوية غير تقليدية. وقد أكّد أن تجربة هيفاء تقترب من جوهر الشعر حين ترفض الإذعان للصور المكرورة، وتؤمن بأن الجمال لا يُستخرج إلا من المناطق الظلية في اللغة، تلك التي تتخفى خلف الغموض والاحتجاب.
ورأى البازعي أن شعر هيفاء الجبري ينتمي إلى تيار "الأنوثة المفارقة"، حيث تتشابك الخصوصية الأنثوية مع الحالة الشعرية في جدلية دقيقة يصعب فصل أحدهما عن الآخر. الصمت عندها ليس تعبيرًا عن قهر اجتماعي فقط، بل هو أيضًا استراتيجية فنية للتحرر، لأنه يفتح النص أمام احتمالات التأويل والبوح السري.
واختتم البازعي قراءته بالقول: "إن تجربة هيفاء الجبري تبرهن على أن الشعر الحقيقي هو ذلك الذي لا يقبل الاستهلاك ولا ينتج مجازاته من بقايا الكلام المستعمل. شعرها يلتقط المعنى من حافة الصمت، ويفتش عن اللغة في لحظة غيابها، كأنها تقول لنا: الشعر ليس ما يُقال، بل ما ينتظر أن يُقال".


"شاعرة سعودية، تكتب أشعارًا مؤثرة تتحدى الأعراف الاجتماعية وتُبرز قوة الشعر العربي العاطفي، مؤمنة بقدرة كتابات المرأة على التأثير بعمق يتجاوز الأنوثة. تغوص في أعماق الشعر العاطفي، تحتفي بالفن، وتدعم أصوات غزة وسوريا. مجتمع إكس يحتفي بشعرها المؤثر، وأبياتها الحائزة على جوائز."








غدًا أُقدِّمُ كأسَ الماءِ للعَطَشِ
ولن أُجادِلَ: "من منّا عليهِ غُشِي"!
إن كانَ ذا جَدَلٍ فالكأسُ شَاهِدُنا
أنّ الأصابعَ في صَمتِ الكُؤوسِ تَشي






أدب ماب
جميع الحقوق مسجلة لدى هيئة الملكية الفكرية © 2025
Adapmap
خريطة الموقع