a desert scene with a white and orange background

من هي عبير العلي

عبير العلي كاتبة وروائية سعودية تحمل شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي، وتنتمي إلى جيل من الكاتبات اللواتي استطعن أن يبنين لأنفسهن حضورًا مؤثرًا في المشهد الثقافي المحلي. تقيم في مدينة أبها التي شكلت خلفية وجدانية لأولى تجاربها الروائية، وتعمل ككاتبة رأي في صحيفة الوطن، حيث تكتب بانتظام في قضايا الأدب والمجتمع والثقافة. تمتد تجربتها الأدبية بين السرد والشعر، وقد أصدرت حتى الآن روايتين هما الباب الطارف وضيار، ومجموعة قصصية بعنوان وهدان، إضافة إلى ديوان شعري بعنوان مدائن الغواية. عُرفت بتأنيها الشديد في الكتابة، حيث استغرقت في كتابة روايتها الثانية أكثر من سبع سنوات، ما يعكس تمسكها بالدقة والعمق الفني والبحثي في أعمالها. 

تُعرف عبير العلي بأسلوب سردي حسيّ يتداخل فيه الخيال بالواقع، والذاتي بالجمعي، إذ تنطلق من مشاعر دقيقة وتجارب إنسانية معقدة لتبني عوالم سردية تتجاوز الحدود الجغرافية التي تنتمي إليها. لا تكتفي بكتابة ما تعرفه، بل تسعى إلى ما تجهله، وهذا ما ظهر جليًا في روايتها ضيار، التي كتبتها عن بيئة لم تعايشها مباشرة، هي البيئة الصحراوية، لكنّها استطاعت من خلال قراءة عميقة، وزيارات ميدانية، وبحث لغوي ومعرفي، أن تمسك بروح المكان وتعبّر عنه من الداخل. في أعمالها ميل واضح إلى الاشتغال على التوترات النفسية، والصراعات الداخلية، ومفهوم الألم بوصفه شرطًا للوعي والنضج. تمزج العلي بين الرمز والأسطورة، بين اللغة التراثية والمفردة المعاصرة، وتتخذ من الشخصيات قناعًا للتعبير عن قضايا أوسع: عن الهوية، الفقد، الانتماء، وأحيانًا الغربة داخل الذات.

الهوية الأدبية والفنية

دورها في المشهد الأدبي والثقافي

لعبت عبير العلي دورًا لافتًا في إثراء الساحة الأدبية السعودية من خلال مشاركاتها في الندوات والملتقيات، ومقالاتها المستمرة في الصحف الثقافية، كما أصبحت أعمالها مادة للحوارات والتحليل من قبل النقاد والقراء على السواء. ومن خلال حضورها في فعاليات توقيع الكتب والنقاشات المفتوحة، أسهمت في تفعيل مساحة الحوار حول الأدب النسوي، وموقع المرأة في الكتابة السردية السعودية، لكنّها في الوقت نفسه رفضت هذا التصنيف الحصري، مؤكدة على أن الأدب هو أدب أولًا، سواء كُتب بأنامل رجل أو امرأة. روايتها ضيار على وجه الخصوص مثّلت محورًا لتحولات عدة في تجربتها، إذ انتقلت بها من الحنين المحلي في الباب الطارف إلى مواجهة القسوة والعزلة في فضاء الصحراء، مظهرة قدرة كبيرة على التقاط التفاصيل المعنوية للبيئات التي تبدو جامدة لكنها في عمقها نابضة بالحياة.

بدأت عبير العلي رحلتها الروائية مع الباب الطارف، التي وصفت بأنها رواية جلسة واحدة، فيها حنين واضح لمدينة أبها بطبيعتها الخلابة وتحولاتها الاجتماعية. بعدها أصدرت المجموعة القصصية وهدان، التي احتفت فيها بلحظات مكثفة من الحياة والتأمل والصدفة، ثم كتبت ديوانها الشعري مدائن الغواية، الذي قدّم صورة ناضجة لصوتها الشعري. أما عملها الأبرز حتى الآن، ضيار، فهو تجربة روائية مكتوبة على مدى سبع سنوات، تماهت فيها مع شخصية رجل يعيش في بيئة صحراوية قاسية، وتعاملت مع فكرة الألم كتجربة وجودية تُماثِل عملية "الضيّار" التي تُمارس على الناقة لتتقبل واقعًا موجعًا لأجل البقاء. وقد بدأت مؤخرًا ترجمة الرواية إلى خمس لغات، ما يفتح لها أفقًا عالميًا جديدًا.

ماذا قالت في حضورها الإعلامي؟

شخصيات أدبية أخرى

ماذا قال عنها

عبير العلي، كاتبة سعودية رفيعة الحس والموهبة، تسكن اللغة وتترك في القرّاء أثرًا طويلًا. في روايتها ضيار، أعادت تعريف الألم كحالة من النضج والانبعاث، وكتبت عن الصحراء بما يجعلها أكثر من مجرد مكان، بل استعارة كبرى للروح في محنتها. لا تنتمي فقط لمدينتها أو جنسها الأدبي، بل تنتمي لفكرة الكتابة النابعة من الشغف والمعرفة، ومن الإيمان بأن الرواية تستطيع أن تُرى من كل زاوية، وتُفهم بأكثر من قراءة. في اللقاء الذي أقيم على هامش توقيع ضيار في قيصرية الكتاب، قالت عبير العلي:

"أنا لا أكتب لأقدم حلولًا، بل لأمنح القارئ زوايا جديدة يرى بها نفسه والعالم من حوله."

وأوضحت أن الرواية ليست إصلاحًا مباشرًا للمجتمع، بل هي نقلٌ دقيق ومعرفي لحالات إنسانية شديدة العمق، مشيرة إلى أن التوظيف الرمزي لمصطلح "الضيّار" هو استعارة عن آلية التأقلم المؤلم الذي يعيشه الإنسان مع واقعه حين يُفرض عليه التنازل عن أحلامه.

"كتبت عن الصحراء ولم أعشها، لكنني مشيت في طرقها، قرأت عنها، بحثت عن مفرداتها، وسألت أهلها. الصحراء لا يمكن أن تُكتب بسهولة، هي مثل البحر، لا تُحاط ولا تُحتوى."

أكدت أنها اختارت أن تكون الرواية مفتوحة الدلالة، تمنح القارئ حق التأويل، مشيرة إلى أن من قرأها من النخب ومن البسطاء تفاعل معها من الزاويتين: المعرفة والعاطفة. وعن التحدي الذي واجهته في تقمص شخصية رجل، قالت:

"عشت معه سبع سنوات، كنت أنام معه، أستيقظ معه، أسافر معه، حتى صرت جزءًا منه. تحديت نفسي، وتحديت المتلقي، وكتبت عنه بصدق."

كاتبة وشاعرة سعودية، تُبدع في صياغة القصص المؤثرة وتدعم الحوار الثقافي، مؤمنة بأن الأدب يربط بين القلوب والعقول، كما يتضح من تأملاتها في التسامح والنقد الفني. تُروّج عبير للثقافة السعودية، وتحتفي بالإنجازات الأدبية، وتدعم حقوق الفلسطينيين بأسلوب شعري راقٍ. مجتمع إكس يُشيد بمقالاتها الثاقبة وعمقها الشعري، حيث أثنوا على كتاباتها العلمية والإبداعية.

كتبت عن الصحراء ولم أعشها، لكنني مشيت في طرقها، قرأت عنها، بحثت عن مفرداتها، وسألت أهلها. الصحراء لا يمكن أن تُكتب بسهولة، هي مثل البحر، لا تُحاط ولا تُحتوى.