من هو صالح معيض الغامدي

وُلد الدكتور صالح بن معيض الغامدي ونشأ في قرية رغدان العريقة بمنطقة الباحة، تلك القرية التي احتضنت طفولته الأولى وكانت نقطة الانطلاق الأولى في تكوين ذاكرته وهويته. بدأ تعليمه في ابتدائية رغدان، ثم انتقل إلى متوسطة الظفير، ومنها إلى ثانوية السروات. لاحقًا، انتقل إلى مدينة الطائف حيث أقام فيها لفترة وأكمل جزءًا من دراسته هناك، قبل أن يشد الرحال إلى الرياض لدراسة المرحلة الجامعية. التحق بكلية التربية في جامعة الملك سعود، ثم ابتُعث لاحقًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نال درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة إنديانا.

يحمل الدكتور صالح هوية علمية وأدبية متخصصة تُميّزه في المشهد الثقافي السعودي والعربي، فهو أستاذ جامعي وناقد أدبي يُعد من أبرز المتخصصين في "أدب السيرة الذاتية"، وله بصمته الراسخة في هذا المجال من حيث التنظير والتأصيل. لم يكن يتوقع يومًا أن يكتب الشعر، لكنه وجد نفسه ينساق خلف الحنين والذكرى، فكتب قصائد قصيرة حملت نفسًا وجدانيًا دافئًا، وكانت رغدان — القرية والمكان والرمز — أحد أهم دوافعه إلى البوح الشعري. وبالإضافة إلى ذلك، يتفاعل الدكتور صالح مع الجمهور من خلال تغريداته العلمية التي يصفها البعض بأنها محاضرات تفاعلية مصغّرة، ومداخلات فكرية مفتوحة تضيء مفاهيم أدبية مركّزة وعميقة.

الهوية الأدبية والفنية

دوره في المشهد الأدبي والثقافي

كان ولايزال للدكتور صالح حضور فاعل في أكثر من موقع ثقافي وأكاديمي. فقد تولى رئاسة قسم اللغة العربية أربع مرات في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، ثم عُيّن عميدًا للكلية، فضلًا عن عمله مستشارًا لوزارة الثقافة لثماني سنوات. وخلال هذه الفترة، أشرف على إدارة معرض الرياض الدولي للكتاب لثلاث دورات متتالية، وكان قريبًا من كواليسه وتفاصيله. كما يُعد مؤسسًا ومشرفًا على "كرسي الأدب السعودي" في جامعة الملك سعود، والذي أُنشئ عام 2013 بدعم من الجامعة وبالتعاون مع نادي الرياض الأدبي، ويُعد من أبرز المبادرات العلمية التي تهدف إلى توثيق ودراسة الأدب السعودي داخل المملكة وخارجها. إلى جانب ذلك، ساهم الدكتور صالح في تأريخ الحركة الثقافية لمنطقة الباحة ضمن مشروع "موسوعة المناطق" الذي أطلقته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وكتب فصلًا خاصًا عن الحياة الأدبية في منطقته.

من أبرز إنجازاته الأكاديمية تركيزه المبكر على أدب السيرة الذاتية بوصفه تخصصًا دقيقًا في الأدب العربي. وقد جمع في دراساته العليا بين الأدب العربي المقارن ودراسات السيرة الذاتية. كما كتب بحثًا نقديًا معمّقًا عن كتابات الدكتور غازي القصيبي، معتبرًا إياها سيرة منجّمة كتبها القصيبي في عدة أشكال مختلفة تحت عناوين متنوعة مثل: "حياة في الإدارة"، و"سعادة السفير"، و"شقة الحرية". ويرى الدكتور صالح أن هذه الأعمال تكوّن مجتمعة صورة متكاملة لسيرته الذاتية، وإن بدت متناثرة ومتخفية في أشكال سردية متعددة.

صدر له مؤخراً كتاب "العيش مرتين: دراسات ومقالات في السيرة الذاتية" عام ٢٠٢٤ وكذلك كتاب "تغريدات في السيرة الذاتية" عام ٢٠٢٣ بالإضافة الى إرث كبير من المؤلفات والأبحاث طوال مسيرته العملية والأكاديمية. 

ماذا قال في لقائه الأخير؟

شخصيات أدبية أخرى

ماذا قال عنه

في لقائه ببرنامج "صنوان"، أضاء الدكتور صالح بن معيض الغامدي الكثير من محطات حياته، ابتداءً من نشأته في قرية رغدان التي يرى أن اسمها مرتبط برغد العيش وجمال الطبيعة، مرورًا بالطائف التي اعتبرها بوابته إلى العالم، حيث شاهد لأول مرة التلفاز والكهرباء والورش الصناعية. تحدث عن والدته التي كانت من أبرز المؤثرين في تكوينه، واصفًا إياها بأنها "شاعرة بالفطرة" وأن نصف كلامها كان من الأمثال. كما روى كيف تحوّل مساره الدراسي من الطيران إلى الأدب، بعد موقف محرج مع أستاذه الدكتور محمد الصباغ الذي دفعه إلى إتقان اللغة العربية، مما جعله يتخصص فيها وينجح بتفوق.

 أشار إلى علاقته العميقة بمدينة الرياض التي يعتبرها المدينة الأثيرة إلى قلبه، والتي سمّى ابنه الأكبر باسمها تعبيرًا عن ارتباطه بها. كما تحدّث عن أسباب تردده في كتابة سيرته الذاتية، رغم أنه أحد أبرز نقاد هذا الفن، وأرجع ذلك إلى وعيه النقدي العالي الذي يُعيقه عن خوض هذه التجربة، إلى جانب أسباب أخرى تتعلق بالتواضع أو بالقيود الاجتماعية والثقافية. وعبّر عن فخره بطلابه وطالباته، خصوصًا الدكتورة أمل التميمي التي أصبحت الآن زميلته في القسم وأحد الأسماء البارزة في نقد السيرة الذاتية النسائية.

"باحث شغوف بالسيرة الذاتية والأدب المقارن، يرى أن هذا النوع الأدبي يربط بين الواقع الشخصي والمجتمعي، ويكشف عن أصوات خفية من خلال السرد الذاتي. ينسج قصص الذات عبر الشعر وورش العمل ونقد السير الذاتية السعودية، داعيًا إلى تأملات روحية أعمق"

أرى أن بعض الكُتاب يكتبون سيرتهم الذاتية بأقنعة، وأعترف أن وعي الناقد بداخلي أعاقني عن كتابة سيرتي الذاتية