من هو عبدالله ناجي
أحمد المطلق
عبدالله ناجي، شاعر وروائي سعودي، وُلد ونشأ في مدينة مكة المكرمة، حيث تشكلت ملامح وعيه الجمالي، وتفتحت عيناه على صور الحياة الأولى، بين قدسية المكان وعذوبة اللغة ومشهدية الطفولة اليومية. بدأ رحلته الأدبية من باب الشعر، فكانت القصيدة أول ما نطقت به موهبته، كتبها بشفافية الإحساس وبمفردات مشبعة بعطر الروح. ومع الوقت، ومع اتساع الأسئلة داخله، انتقل إلى الكتابة السردية، فخاض تجربة الرواية لا بوصفها سردًا تقليديًا للأحداث، بل بوصفها فسحة تأملية تفتح النفس على جراحها وأسئلتها وصراعاتها، موظفًا الخيال كأداة كشف ومساءلة للواقع، وجاعلاً من اللغة كائنًا عضويًا ينبض داخل النص.
تُعرَف هوية عبدالله ناجي الأدبية بأنها هوية مزدوجة ومتكاملة في آنٍ واحد، إذ يتكئ في كتابته على الحس الشاعري العميق، وعلى بعد نفسي وتأملي يمنح نصوصه اتساعًا داخليًا. فهو لا يكتب الرواية بوصفها سلسلة من الوقائع، بل كفضاء تتقاطع فيه الذات مع العالم، وتتموضع فيه اللغة بوصفها أداة خلاص وتعبير عن الألم. في أعماله، تتجلّى اللغة بوصفها كيانًا حيًا، ينبض بالحياة والمجاز، ويتحرر من قوالب السرد الجاف.
الهوية الأدبية والفنية
دوره في المشهد الأدبي والثقافي
في سياق الحضور الثقافي، يُعد عبدالله ناجي من أبرز الأصوات النشطة في المشهد الأدبي السعودي، خصوصًا في ما يتعلق بالحراك الثقافي المرتبط بمكة المكرمة. كان أحد المؤسسين لمنتدى الحرف الأدبي في المدينة، وساهم في تحريك المشهد المحلي عبر فعاليات وقراءات ونقاشات أدبية. كما شارك في عدد من المحافل الثقافية داخل المملكة وخارجها، منها مهرجان الجنادرية، معرض تونس الدولي للكتاب، مهرجان الشعر الخليجي الأول، ليالي الشعراء في جازان، فعاليات محايل عسير، وسوق عكاظ. إن مشاركاته لم تقتصر على الحضور بل شملت إسهامات فكرية وأدبية تركت أثرًا في المتابعين والقراء، لا سيما مع تزايد الاهتمام النقدي بأعماله، سواء في الأوساط الأكاديمية أو ضمن الدراسات الحرة التي تناولت نصوصه من زوايا متعددة.
مؤلفاته:
أصدر ثلاث مجموعات شعرية شكلت بصمته الأولى في المشهد الأدبي، وهي: أتصاعد في الصمت، الألواح، ومنازل الرؤيا . وتوالت أعماله السردية بعد ذلك، فكتب ثلاث روايات هي: منبوذ الجبل، وحارس السفينة، وحكايتان من النهر التي صدرت له أخيرًا، وبها تتعمق تجربته في توظيف الرمز والذات والمكان. إضافة إلى عمل قريب من السيرة الذاتية بعنوان كائنات الحجرة المظلمة.
تجربة عبدالله ناجي لا تقتصر على الإبداع الفني فقط، بل تمتد إلى التأثير الثقافي والتلقي العام. فقد تُرجمت بعض نصوصه ومقالاته إلى اللغة الإنجليزية، مما يعكس عالمية صوته الأدبي. وخضعت روايته "حارس السفينة" لدراسات أكاديمية عدة، منها ما نُشر في مجلات علمية محكمة، وقد اقترح بعض النقاد تحويل الرواية إلى عمل سينمائي أو إلى متحف أدبي، يُبنى في الموقع الحقيقي للسفينة المهجورة في شاطئ الشعيبة، نظرًا لما تحمله الرواية من طاقة بصرية ورمزية عالية. نالت كتاباته إشادة من كبار الأدباء، منهم الشاعر الراحل محمد الثبيتي الذي وصفه بـ"الشاعر الجميل جدًا"، وهو ما اعتبره عبدالله ناجي نفسه بمثابة شهادة اعتراف ومفتاح لباب الثقة. تُدرّس بعض أعماله في الجامعات، وتُقرأ في المنتديات والمجلات، وتُحلل على ضوء نظريات معاصرة تتعلق بالسيرة، والخيال، والكتابة الذاتية. من بين الدراسات التي تناولته: "مأزق التسمية وقلق الأسئلة في ديوان الألواح"، و"الثنائيات الضد في رواية حارس السفينة"، و"ذاكرة الغرق.. ذاكرة الحياة".
ماذا قال في حضوره الإعلامي ؟
شخصيات أدبية أخرى
ماذا قال عنه
في لقاءاته الثقافية، أزاح عبدالله ناجي الستار عن الكثير من تفاصيل كتابته، كاشفًا أن الرواية لديه ليست منتجًا مُخططًا له بل تجربة شعورية تبدأ من الداخل. في حديثه عن "حارس السفينة"، روى كيف بدأت الرواية من نصف دقيقة من وصفٍ أثار دهشة شقيقه، وعلق في ذهنه خمس سنوات قبل أن يُكتب على الورق خلال ثلاثة أشهر فقط. أكد أن الشخصيات لم تكن مُعدة مسبقًا، بل تشكلت أثناء الكتابة من تدفق داخلي نابع من التوتر والخيال والذاكرة. وأن البطل محمود يُمثل الطبقة الشعبية، رغم أن الرواية في ظاهرها رمزية. كما قال إن السفينة لم تكن مجرد موقع بل شخصية فاعلة، تمارس حضورًا وجوديًا في النص. أشار إلى الثنائيات التي بُنيت عليها الرواية دون وعي مباشر، مثل: الصمت والضجيج، الخلوة والمدينة، الشك واليقين، الذات والآخر، معتبرًا أنها تمثل شبكة التوترات التي تتحرك فيها شخصيات الرواية.
أما في حديثه عن كتابه "كائنات الحجرة المظلمة"، فقد وصفه بأنه أقرب إلى "سيرة روحية" لا تنشغل بالأحداث الخارجية بقدر ما تُعنى بما يدور في أعماق النفس. قال إن الفكرة بدأت من خيالٍ حر، تشكل عبر سنوات حتى تحول إلى كتابة توثق لحظات وجودية عميقة، مليئة بالشعر، ومشحونة بالسؤال. فرّق بين السيرة الذاتية التي تسرد الوقائع، والسيرة الروائية التي تبني سردًا دراميًا، والتخييل الذاتي الذي تتقمص فيه الذات قناع الحكاية. وبيّن أن روايته "منبوذ الجبل" تنتمي إلى هذا النوع الثالث، إذ يختبر من خلالها ذاته في وقائع خيالية تنبع من وجدانٍ واقعي.
وتحدث عن طقوسه في الكتابة، حيث يكتب الرواية بصوت عالٍ، يعيد قراءة الجمل مرارًا لتجويد الإيقاع والمفردة، بينما يكتب الشعر في لحظات خاطفة، قد تكون في السيارة أو على الهاتف المحمول. يؤمن بأن الرواية لا يجب أن تُكتب بلغة باهتة، بل بلغة عذبة تليق بالقارئ العظيم، وأن الكتابة يجب أن تكون صادقة، تخرج من الألم والخوف والرغبة في البقاء.
وعن روايته الأخيرة "حكايتان من النهر"، أوضح أنها امتداد لرواية "منبوذ الجبل"، وإن كانت تُقرأ بشكل مستقل. تدور أحداثها في مدينة جدة، وتسير على مسارين سرديين متوازيين لبطلين مختلفين هما أحمد وإيمان، يتقاطعان في نقاط ويبتعدان في أخرى. وقد استغرق العمل عليها سنوات، ومن أبرز مراحل كتابتها مشاركته في المعتزل الكتابي بتونس ضمن مبادرة "الشريك الأدبي"، حيث كتب أجزاءً مهمة من الرواية هناك. تحمل الرواية توترًا سرديًا متصاعدًا يُبقي القارئ مشدودًا حتى الصفحة الأخيرة، وتستثمر أسلوب عبدالله ناجي في مزج العمق النفسي باللغة الشعرية.
وفي خلاصة تجربته، يرى عبدالله ناجي أن الرواية لا تُكتب ببرود، بل تُستَحضَر من الأعماق، وأن الخيال هو المفتاح الحقيقي لولوج النص، لأنه وحده يمنح الكتابة حياة. يعتبر أن كل كاتب موجود في عمله مهما ادعى الموضوعية، وأن اللغة العذبة والوجدانية هي شرطه الأول في الكتابة. يؤمن أن القراء الحقيقيين هم جائزته الكبرى، وأن الرواية حين تترك أثرًا في وجدان المتلقي، تكون قد أدّت رسالتها. ما زال يحمل مكة في قلبه، يمنحها حضورًا رمزيًا في أعماله، لكنه الآن يعبر النهر، لا لينسى الصحراء، بل ليعيد اكتشاف ذاته على ضفاف جديدة، تحمل ظل الشعر، وثقل السؤال، وجمال الحكاية المفتوحة على الاحتمال.


"روائي وشاعر، ينسج قصصًا عميقة عن الصراعات الإنسانية والروحانيات، يؤمن بأن جوهر الحياة يكمن في التفاعل بين العالم المرئي والخفي، كما يظهر في أعماله المؤثرة مثل حكايتان من النهر.يشارك تأملات شعرية عن العدالة، الروحانية، والأدب، مُحتفيًا بالإبداع ومعبرًا عن الحزن بخطابات مؤثرة. مجتمع إكس يحتفي ببراعة الأدبية والشعرية، حيث أشادوا بأشعاره الأنيقة ورواياته العميقة."






الرواية لا يجب أن تُكتب بلغة باهتة، بل بلغة عذبة تليق بالقارئ العظيم






أدب ماب
جميع الحقوق مسجلة لدى هيئة الملكية الفكرية © 2025
Adapmap
خريطة الموقع