من هو عبدالله بن عويقل السلمي
أحمد المطلق
وُلد الدكتور عبد الله بن عويقل السلمي في قرية صغيرة لا يتجاوز عدد بيوتها خمسة، حيث تداخل بيت الشعر مع الدار الحجرية، وتلاقت في ذاكرته مشاهد الدخان المتصاعد من مواقد العجائز، وثغاء الأغنام، وحكايات الجدّات. من هذه القرية انطلق الطفل النحيل الذي أنشد أمام الملك خالد وهو في الخامسة ابتدائيًا، ليصبح فيما بعد أستاذًا جامعيًا، ووجهًا بارزًا في المشهد الثقافي السعودي، وسفيرًا لوطنه في التعليم والثقافة والإغاثة، ومؤسسًا لصوتٍ جمع بين العمق الأكاديمي والحس الإنساني الرفيع.
يحمل الدكتور السلمي هوية متفرّدة تمزج بين الأصالة والحداثة، فهو ابن بيئة شعرية ضاربة في الجذور، إذ يقول: "الشعر في قبيلة سليم جينة ثابتة في أغلب الناس رجالًا ونساءً، وأمي شاعرة." هذا الوعي بالشعر الشعبي جعله أحد أبرز المنافحين عن أهمية تدريسه أكاديميًا. وعلى الرغم من أن صوته الطفولي كاد أن يقوده ليصبح "مشروع فنان"، إلا أن اختياراته قادته إلى ميدان اللغة والنحو والنقد، حيث أبدع في دراسته وتدريسه. جمع بين محبة محمد عبده وارتباط وجداني بصوت عبدالكريم عبدالقادر، إذ قال عن الأخير: "هذا الصوت يخاطب الإنسان المثقل بالهمّ… وصادف قلبًا عاشقًا فتمكّن."
الهوية الأدبية والفنية
دوره في المشهد الأدبي والثقافي
تولّى الدكتور عبد الله السلمي رئاسة نادي جدة الأدبي، وجعل من النادي منبرًا مفتوحًا للمجتمع، وحرص على أن "يُبصر المارّة به" ويعكس حميمية العلاقة بين الثقافة والناس. لم يجعله برجًا عاجيًا بل فتح أبوابه لمختلف البيئات، فكان أن شهد النادي في عهده احتفاءً بمرور خمسين عامًا على تأسيسه، وتكريمًا لرموز مثل الدكتور عبد الله المعطاني، والدكتور عبد المحسن فراج، والدكتور سعيد السريحي. كما عمل على تحويل بعض نتاجه الكتابي إلى برامج مثل "أحاديث الشباب" و"رمضان في ذاكرة الشعر العربي".
بدأ مشواره من المعهد العلمي بمكة، وتخرّج من جامعة الإمام من الأوائل، ليُعيّن معيدًا دون أن يعلم، ويختار النحو تخصصًا لأن أستاذه قال له: "النحو علم مؤطر، إن أتقنته عرفت أنك أحطت به". امتد أثره إلى العمل في أكثر من 40 دولة، من كراتشي شرقًا إلى فانكوفر غربًا، مؤسسًا ومشرفًا ومقيّمًا لمعاهد اللغة العربية، وعضوًا في لجان ثقافية وتعليمية وإغاثية. أسس صحيفة "سفراء" للمبتعثين في كندا، وكتب لسنوات زاوية "مداد القلم" في صحيفة عكاظ.
ماذا قال في حضوره الإعلامي ؟
شخصيات أدبية أخرى
ماذا قال عنه
في لقائه مع برنامج "صنوان"، ظهر الدكتور السلمي بعفويته وثرائه المعرفي، فحكى عن رحلته من قريته البسيطة إلى منابر الخطاب الثقافي في العالم، وعن لقائه المؤثر بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حين كان أميرًا، وأوصاه بحفظ ديوان الخنساء. تحدّث عن حنينه الدائم لقريته، عن دموع والده التي غيّرت مسار عمله ليستقر بجواره. قال في اللقاء:
عن قريته وارتباطه بها:
"حينما أغادر قريتي، أشعر بأن جزءًا من كياني قد انتُزع… هي عالمي الحقيقي، وملهمتي الأولى، حتى لو جلست على صخرة فيها، أشعر بأني في عالم خيالي."
عن النحو واللغة:
"العلوم المفتوحة لا تعرف أين تصل فيها، بينما النحو علم مؤطر… إذا أتقنته تمامًا، عرفت أنك قد أحطت به."
عن العمل والاعتماد على النفس:
"كنت أذهب في الإجازات لأعمل… في مصنع الصابون، في مصنع البلاستيك، كبائع طوابع في الحج، لأني لم أرد أن أكون عبئًا على والدي."
عن الانتقاد والنجاح:
"حينما تقتحم سورًا، وتنجز فعلاً، تشعر بأنك في حالة من الأنس والارتياح… لكن حين يأتي من يحاول تقزيم العمل، تستشعر ما في بعض الأرواح من ضيق… ومع ذلك، أقول: العداوة لهم فضل، أظهروا زلتي فاجتنبتها، ونافسوني فارتقيت."
عن الشعر في قبيلة سُليم:
"الشعر في قبيلتي جينة… تجده في النساء قبل الرجال، في السمر، في السدو، في كل تفاصيل الحياة."
عن عبد الكريم عبد القادر:
"عبد الكريم لا يخاطب العواطف الراقصة، بل يخاطب الداخل المثقل… صوته صادف قلبًا عاشقًا فتمكن."
عن والده وتأثيره:
"قال لي أبي بعد سنوات من الغربة: عبد الله… إلى متى؟ إلى متى وأنت بعيد عني؟ فقبّلت رأسه وقلت: هذا العام آخر غربتي، إما انتقال أو استقالة."
عن تجربته الثقافية في نادي جدة الأدبي:
"قدّمني نادي جدة للمشهد، ورفَعني إلى قمة الهرم الثقافي… وما قدّمته له هو أنني فتحت أسواره ليبصره المارّة، وليشعر به المجتمع."
عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز:
"قال لي الملك سلمان وأنا طالب: من أحفاد الخنساء؟ حافظ شيء من شعرها؟ هذا دليل على أنه قارئ نَهِم، يعرف الشعر والتاريخ والأنساب."


"عبدالله عويقل السلمي، باحث في اللغويات العربية وحاصل على الدكتوراه، ينتقد المعايير الشعرية بحماس ويدافع عن الدقة اللغوية، مؤمنًا بأن الحكمة الحقيقية تكمن في التواضع والتعبير الأصيل. ينسج تأملات شعرية عن الحياة والخسارة مع نقد لغوي حاد، متوقًا إلى جذور الطفولة. مجتمع إكس يشيد به لقيادته الثقافية وإسهاماته، حيث أثنوا على دوره في جعل أدبي جدة منارة للإبداع."






قدّمني نادي جدة للمشهد، ورفَعني إلى قمة الهرم الثقافي… وما قدّمته له هو أنني فتحت أسواره ليبصره المارّة، وليشعر به المجتمع.






أدب ماب
جميع الحقوق مسجلة لدى هيئة الملكية الفكرية © 2025
Adapmap
خريطة الموقع