a desert scene with a white and orange background

من هو عبدالعزيز الفيصل

الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل، باحث ومؤرخ وأديب وأستاذ جامعي سعودي، وُلد في بلدة عودة سدير، وأكمل دراسته الابتدائية هناك، ثم انتقل إلى الرياض ليلتحق بالمعهد العلمي، وجمع بين الدراسة النهارية في المعهد والدراسة المسائية في الثانوية، قبل أن يتخرج في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بامتياز. ابتُعث إلى جامعة الأزهر حيث نال الماجستير والدكتوراه في الأدب والنقد، وعاد ليعمل أستاذًا في جامعة الإمام، مؤسسًا وعميدًا لأول عمادة دراسات عليا فيها. عُرف بزُهده في المناصب الإدارية المرموقة، مفضّلًا التفرغ للبحث العلمي وخدمة التراث. 

يمثل الدكتور الفيصل مدرسة بحثية فريدة تجمع بين التحقيق الدقيق للنصوص التراثية، والتأصيل التاريخي والجغرافي للشعر العربي، مع اهتمام عميق بالأنساب ومساكن القبائل. يربط بين النصوص الشعرية ومواضعها الجغرافية عبر عمل ميداني مباشر، ويعدّ من أبرز المحققين المعاصرين للشعر العربي القديم، مع خلفية شعرية شخصية وديوان مخطوط لم ينشر بعد.

الهوية الأدبية والفنية

دوره في المشهد الأدبي والثقافي

لقّب بـ"رائد تحقيق الشعر العربي القديم في الجزيرة العربية" في حفل كبير رعاه وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية أقامه النادي الأدبي بالتعاون مع الجمعية العلمية للدراسات الأثرية بجامعة الملك سعود، دُشنت ثلاثة إصدارات عنه، إلى جانب ثلاثة جلسات علمية شارك فيها جمع من الأكاديميين. شارك في مشروعات وطنية لحفظ التراث، منها "هذه بلادنا"، إضافة إلى تعاونه مع هيئة السياحة والآثار في تحديد مواقع تاريخية ومعارك شهيرة. أسهم في رفد المكتبة العربية بكتب موسوعية في شعر القبائل، معاجم الأمكنة، ودراسات نقدية وأدبية، وكان مرجعًا للباحثين في الأدب والتاريخ والجغرافيا. أنتج الدكتور الفيصل عشرات المؤلفات التي تُعدّ مراجع معتمدة، من أبرزها:

- شعر بني عبس في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي: عمل موسوعي جمع فيه الدكتور الفيصل كل ما أمكنه من شعر بني عبس في الجاهلية وصدر الإسلام والعصر الأموي، مع تحقيق النصوص وتوثيق الروايات وشرح الألفاظ، وربطها بالأحداث التاريخية ومواقع القبيلة، خاصة ما يتعلق بسيرة عنترة بن شداد وحروب عبس وذبيان.

- شعر بني قشير في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي: يوثق شعر بني قشير، قبيلة قيسية عريقة، من خلال جمع وتحقيق النصوص الشعرية، ودراسة شخصيات الشعراء، وربط النصوص بسياقها القبلي والسياسي، مع تحديد أماكن ذكرها في الشعر.

- شعراء بني عقيل وشعرهم في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي: يتناول تراث بني عقيل من الشعر، مع دراسة الأسلوب والموضوعات البارزة مثل الفخر والحماسة والرثاء، إضافة إلى الشروح اللغوية والتاريخية لكل نص.

- شعر بني هلال في الجاهلية والإسلام إلى زمن التغريبة: أحدث أعماله الموسوعية، يجمع فيه شعر بني هلال عبر عصورهم المبكرة، مع تحقيق دقيق للنصوص، وشرح لغوي وتاريخي، وتحديد مواقع القبيلة قبل وأثناء التغريبة، مع مقارنات بين الشعر الموثق والسيرة الشعبية.

- شعراء المعلقات العشر: كتاب تعريفي نقدي يسلط الضوء على شعراء المعلقات من خلال سيرهم، ومكانتهم، ومختارات من أشعارهم، تمهيدًا لفهم أعمق لأعمالهم الكبرى.

- شرح المعلقات العشر: عمل ضخم في مجلدين، يشرح فيه المعلقات بأسلوب يجمع بين البيان الأدبي والتحليل اللغوي والتاريخي والجغرافي، مع تحديد مواقع وردت في النصوص، وربطها بمساكن القبائل وأحداثها.

- ديوان الصمة بن عبد الله القشيري (جمع وتحقيق): تحقيق علمي لديوان الشاعر الصمة بن عبد الله، مع ضبط النصوص وتوثيق مصادرها، وشرح الألفاظ الغريبة، ووضعها في سياقها التاريخي. 

- مصادر الأدب عند ابن خلدون: دراسة موسعة في 8 فصول، تناولت أصول المصادر الأدبية ووسائل وجودها، والمصادر المدوّنة في العصور الأولى، مع تحليل لكتب أفاد منها ابن خلدون مثل "أدب الكاتب" و"الكامل" و"البيان والتبيين" و"الأمالي". 

- النقاد القدامى ومناهجهم: في مجلدين، يستعرض 23 ناقدًا عربيًا قديمًا ومناهجهم النقدية، من محمد بن سلام الجمحي إلى حازم القرطاجني.-

قضايا ودراسات نقدية: مجموعة مقالات ودراسات في النقد الأدبي العربي، تناقش قضايا مثل التجديد والتقليد، وعلاقة الشعر بالمجتمع، والاتجاهات الفكرية في الأدب.  

- قضايا أدبية: يتناول قضايا أدبية قديمة وحديثة مثل شروح الشعر الجاهلي وتجديد الشعر العربي.

- الأدب العربي وتاريخه: مقرر للمعاهد العلمية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، يضيء على المراحل الكبرى في تاريخ الأدب العربي.

- مع التجديد والتقليد في الشعر العربي: دراسة تحليلية لمفهومي التجديد والتقليد في تاريخ الشعر العربي، مع نماذج تطبيقية من عصور مختلفة، وتقييم لأثر كل اتجاه في تطور الشعر.

- وقفات على الاتجاه الإسلامي في الشعر العربي: بحث يتناول حضور القيم والمضامين الإسلامية في الشعر العربي عبر العصور، مع التركيز على الشعر الدعوي والشعر الأخلاقي. 

- عودة سدير: إصدار بلداني جغرافي تاريخي اجتماعي عن منطقة عودة سدير، ضمن سلسلة "هذه بلادنا".

- معجم عودة سدير: معجم جغرافي تاريخي يوثق أسماء المواقع والمعالم في منطقة عودة سدير، مع شروح لأصول الأسماء، وأمثلة من الشعر الفصيح والشعبي الذي ذكرها.

- من غريب الألفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب: معجم لغوي يشرح الألفاظ النادرة أو الخاصة باللهجة المحلية في وسط الجزيرة العربية، مع توثيقها من الاستخدام الشفوي والنصوص التراثية.

- وطن يعبر القرن: كتاب توثيقي يتناول تحولات المملكة العربية السعودية في قرن من الزمان، برؤية ثقافية وتاريخية.

- رؤى وآفاق: ثلاثة مجلدات تضم مقالات ودراسات متنوعة في الأدب، والتاريخ، والاجتماع، والجغرافيا، تعكس سعة اطلاع المؤلف واهتماماته المتعددة.

- ضُباعة العامرية: رواية تاريخية تستلهم شخصية ضُباعة بنت عامر، وتستند إلى أحداث وشخصيات من صدر الإسلام، مع معالجة أدبية تجمع بين التوثيق والسرد الفني.

ماذا قال في حضوره الإعلامي ؟

شخصيات أدبية أخرى

في لقاءاته، كشف الدكتور عبدالعزيز الفيصل عن فلسفته الخاصة في التعامل مع التراث والشعر العربي، مؤكدًا أن المعلقات هي "صفوة الشعر الجاهلي"، وأن العرب في الجاهلية كانوا ينظرون إلى الشعر الجيد بعين التقديس، حتى بلغ بهم الأمر أن يعلقوا القصائد على الكعبة كما تُعلَّق النفائس في خزائن الملوك. شدّد على أن فهم النصوص التراثية لا يكتمل دون معرفة جغرافيتها، معتبرًا أن البيت الشعري ليس كلمات فحسب، بل هو خريطة مشبعة بالمعالم والقبائل والأحداث، ولذا فهو لا يكتفي بالمخطوطات والشروح، بل يسافر إلى المواضع التي وردت في الشعر ليقف عليها بنفسه، متتبعًا تضاريسها ومقارِنًا بينها وبين ما جاء في النصوص.

عبّر عن قناعته بأن الشعر الجاهلي والإسلامي عماد اللغة العربية، وركيزة المعاجم وكتب التفسير، ورفض الآراء التي تشكك في أصالته، معتبرًا أن الطعن فيه طعن في ذاكرة الأمة اللغوية والتاريخية. وأوضح أن عمله في التحقيق مردوده المعنوي والتاريخي أكبر بكثير من أي مكسب مادي، إذ يرى أن ما يتركه من كنوز معرفية للأجيال هو أعظم ما يمكن أن يقدمه الباحث.

تحدث بإسهاب عن تجربته في تحديد مكان وفاة عنترة بن شداد، مبينًا أنه بعد تتبع النصوص والرحلات الميدانية توصّل إلى أن عنترة مات في القصيم بسبب عاصفة ترابية، لا قتيلاً كما تروي بعض الأخبار الشعبية، مستشهدًا بعاصفة ترابية عاصرها شخصيًا وشبَّهها بتلك التي أودت بحياة الفارس العبسي.

وفي سياق آخر، أبدى اعتزازه بقرار المملكة تخصيص يوم للتأسيس، واصفًا القرار بأنه "موفق" لأنه يعزز الوعي بتاريخ الدولة ويخدم أمنها الوطني. كما تحدث عن أهمية علم الأنساب في فهم النصوص، مستشهدًا بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ضرورة انتماء المرء لقبيلته، ومؤكدًا أن معرفة القبائل ومساكنها تكمل الصورة التاريخية للشعر وتربطه بسياقه.

من خلال هذه اللقاءات، يظهر أن الفيصل يجمع بين حس الباحث الميداني ودقة المحقق، مع رؤية شاملة ترى في التراث منظومة متكاملة من النصوص والأمكنة والأشخاص، وأن خدمته ليست ترفًا ثقافيًا بل واجبًا وطنيًا ومعرفيًا.

لا أكتفي بقراءة الشروح أو الاطلاع على المخطوطات، بل أخرج إلى الأماكن التي ورد ذكرها في الشعر لأتحقق منها ميدانيًا، لأن فهم البيت مرتبط بفهم المكان