الشعر والشعراء في رمضان ١٤٤٦
أحمد المطلق
الشعر والشعراء في برامج رمضان ١٤٤٦ 🌙✍️
شهدت برامج رمضان ١٤٤٦ هـ حضورًا لافتًا لعدد من أبرز الشعراء السعوديين، حيث خصصت بعض البرامج مساحة للحديث عن الشعر النبطي والمحاورة، وما يحمله هذا الفن من عمق ثقافي وتاريخي واجتماعي. شكّلت هذه اللقاءات لحظات استثنائية لمحبي الشعر، إذ لم تقتصر على السرد والسيرة، بل غاصت في مفاهيم الشعر، تطوراته، ومدى ارتباطه بالهوية والواقع.
حققت هذه الحلقات مئات الآلاف من المشاهدات على مختلف المنصات، وتصدرت النقاشات في المجالس ومواقع التواصل، مما يعكس تعطش الجمهور لمحتوى ثقافي عميق يُلامس ذائقة الناس ويستحضر موروثهم الشعري العريق. في هذا المقال، نستعرض أعلى ٤ حلقات مشاهدة وما جاء في تلك الحلقات، ونسلط الضوء على الأفكار التي أثارت تفاعلًا واسعًا في المشهد الثقافي السعودي.
لقاء الشاعر تركي الميزاني
لقاء الشاعر محمد حمد الدوسري
اللقاء الثاني الأعلى مشاهدة وحقق أكثر من ٥٤٠ ألف مشاهدة في ١٤ يوم كان في بودكاست "ذا قال"، اجتمع فيه الشعر والفكاهة والذاكرة، حيث استضاف البرنامج الشاعر محمد حمد الدوسري وأخوه مطحس في جلسة لا تشبه إلا نفسها. اللقاء انطلق من قلب الدهناء، موطن الذكريات الأولى وبدايات الشعر والحياة البسيطة، حيث استعرض الأخوان طفولتهما بين الغنم والبل والحكايات الطريفة، قبل أن ينتقلا بنا إلى محطات من حياتهما التي شكّلها الشقاء والبساطة وحب البادية. حضور مطحس أضفى على اللقاء نكهة خاصة، بحسّه العفوي وأسلوبه الساخر، مما جعل الحلقة محمّلة بروح البيت والصحراء معًا.
تميّز اللقاء أيضًا بإضاءات صادقة عن التغيرات التي مرّ بها أبو حمد من حياة العزلة في البادية إلى الظهور في السناب، بدفع وتشجيع من أخيه مطحس، الذي كان وراء انفتاحه على الجمهور، ليكتشف محبة الناس وتأثيره على المتابعين. تطرق الحديث كذلك إلى بعض العادات الاجتماعية، مثل الترحيب المبالغ فيه والتعريف بالضيوف، وتناولها الأخوان بوجهات نظر واقعية وفكاهية. في النهاية، اللقاء لم يكن مجرد تسجيل لحكايات قديمة، بل كان بمثابة مرآة تعكس التحولات، وتجمع بين التراث والحاضر بأسلوب تلقائي وصادق،
لقاء الشاعر صالح آل مانعة
لقاء الشاعر سفر الدغيلبي في برنامج "الليوان" الذي حقق ٤٥٠ ألف مشاهدة في ٥ أيام كان ثريًا بالأفكار والمواقف والتجارب الشعرية، تناول سفر علاقة الشعر بالفلسفة، معتبرًا أن الشاعر الحقيقي لا ينجح دون "بصمة" ورؤية خاصة به، تمامًا كما للفلسفة نظرتها المختلفة للحياة. تحدث أيضًا عن أهمية المخزون الثقافي والمعرفي للشاعر، مبينًا أن الشاعر المقلّد أو الفقير لغويًا ينطفئ سريعًا. استعرض تأثره العميق بمؤلفات الدكتور علي الوردي، خصوصًا كتاب "خوارق اللاشعور"، مشيرًا إلى أن فن المحاورة يتجاوز الشعر ليصل إلى ما يشبه الظواهر الميتافيزيقية والخوارق، حيث يعيش الشاعر لحظات من الإبداع الفائق رغم الإرهاق الجسدي والنفسي. تحدث الدغيلبي عن نشأة المحاورة في الحجاز، ودور الشاعر حبيب العازمي في نقلها إلى مستوى جماهيري خليجي واسع.
ثم استعرض تطورات المعنى في شعر المحاورة عبر خمسة مستويات: المباشر، السياقي، المجازي، التداولي، والخفي، كما ناقش موضوع الشللية والانقسام في الساحة الشعرية، مؤكدًا أنها ليست ظاهرة بل مواقف فردية، وأوضح أن عزوفه عن أمسيات النظم نابع من حرصه على كرامة الشعر واحترامه لمقامه، رافضًا ابتذاله في بعض المناسبات وتوبته عن شعر المدح الزائف.
مقالات مشابهة
في لقائه الرمضاني عبر برنامج "مخيال" الذي حقق أكثر من ٦٠٠ ألف مشاهدة في ١٢ يوم، قدّم الشاعر تركي الميزاني سردًا غنيًا لتجربته الممتدة لأكثر من 25 عامًا في ميدان شعر المحاورة، منذ انطلاقته القوية في عام 2000 والتي شكّلت نقطة تحوّل في الساحة الشعرية، حيث ساهم مع جيله في كسر الاحتكار السابق ودفع المحاورة نحو مرحلة جماهيرية جديدة. استعرض بداياته المبكرة وتوقفه المؤقت بتوجيه من والده – الذي كان أيضًا شاعرًا – وكيف ساعده ذلك على النضج الشعري قبل العودة بقوة. كما تحدّث عن التحديات التي كانت تواجه الشعراء الشباب في اختراق الساحة آنذاك، مشيرًا إلى وجود "منهج خاص" يقوده عدد محدود من الأسماء البارزة التي لم تكن تتيح مساحة للوافدين الجدد.
تطرّق أيضًا إلى تحديات اللعب بالمعنى والرمزية أمام جمهور واسع في زمن قصير، مؤكدًا أن الإبداع الحقيقي في المحاورة هو الجمع بين الذكاء وسرعة البديهة والقدرة على مخاطبة كل فئات الجمهور. في ختام اللقاء، استعاد جانبًا من مشواره في شعر النظم، وعبّر عن عشقه لنادي النصر، وقرأ أبياتًا غزلية شهيرة لا تزال متداولة منذ ظهوره في شاعر المليون. اللقاء جاء شفافًا وصريحًا، وقدم صورة صادقة عن فنان عاش الشعر بكل تفاصيله.
لقاء الشاعر سفر الدغيلبي
أحمد المطلق
٢٦ مارس ٢٠٢٥
في لقاء استثنائي ضمن بودكاست جزل حمل الكثير من الصدق والدهشة وحقق ١١٠ ألف مشاهدة في ٢١ يوم، استعرض الشاعر صالح آل مانعة مسيرته الشعرية والإنسانية بكل عفوية وشفافية. بدأ حديثه من قلب الصحراء، حيث نشأ في طفولته الأولى في الربع الخالي مع جده، بعيدًا عن والده وإخوته. تلك السنوات الصعبة، التي تخللتها مشاعر الوحدة والحرمان، تركت بصمة واضحة على شخصيته وصوته، فكان الشعر بالنسبة له وسيلة للبقاء، وملاذًا للتعبير عن الوجع بحروف موزونة.
رحلة صالح مع الشعر لم تبدأ بلحظة قرار، بل بلحظة شعور، حين كتب أول قصيدة في السابعة عشرة من عمره، فقيل له إنها ليست له، لجمالها وقوتها. ومن هناك بدأ وعيه الشعري يتشكل، مرورًا بمحطات كثيرة من التحدي والخذلان، حتى وصل إلى منصة "شاعر المليون"، وهناك، رغم قلة الدعم، انتزع احترام الجمهور بقصائده الصادقة، إحداها خُلّدت ضمن أجمل قصائد البرنامج. لاحقًا، جاء لقبه الأشهر "شاعر الوطن" بعد أن ألقى قصيدة وطنية أمام الملك سلمان والشيخ تميم، كتبها في ليلة باردة من ليالي ديسمبر، متحديًا التعب، والضغط، والخوف من الوقوف أمام الكبار.
أدب ماب
جميع الحقوق مسجلة لدى هيئة الملكية الفكرية © 2025
Adapmap
خريطة الموقع